الأب جوزف شربل: في عيد جسد الربّ نحتفل بالحبّ الإلهيّ

في عيد جسد الربّ نحتفل بالحبّ الإلهيّ في عيد جسد الربّ نحتفل بالحبّ الإلهيّ | مصدر الصورة: Stock Studio 4477/Shutterstock

يُصادف عيد جسد الربّ هذا العام في 19 يونيو/حزيران، وفي هذه المناسبة يُطلّ عبر «آسي مينا» الأب جوزف شربل، وهو راهب مارونيّ يشغل منصب رئيس دير مار أنطونيوس الكبير في زحلة اللبنانيّة، ليُخبرنا عن جوهر هذا العيد وعن سبب اعتباره عيد الأعياد في هذه المدينة.

يقول شربل: «الاحتفال بعيد خميس الجسد يُعَدّ من الأعياد السيّديّة المخصّصة للربّ يسوع. في ليلة العشاء السرّيّ، كسَرَ الربّ الخبز مع تلاميذه، وقال "مَن أكل جسدي وشرب دمي فله الحياة الأبديّة" (يو 6: 54). هذا هو إذًا مفهوم الجسد وإيماننا بالربّ يسوع الذي أعطانا جسده حتّى يكون له حضور حسّيّ بيننا بواسطة القربان المقدّس».

الأب جوزف شربل. مصدر الصورة: الأب جوزف شربل
الأب جوزف شربل. مصدر الصورة: الأب جوزف شربل

ويضيف: «في ما يخصّ المراحل الطقسيّة لهذا العيد، ننطلق من بشارة الملاك لزكريّا، تتبعها بشارته لمريم، وتليها زيارة العذراء لأليصابات. وبعد ذلك، تأتي ولادة يوحنّا المعمدان وإعداده طريق الربّ، ومن ثمّ يأتي ميلاد يسوع. كما نحيا في زمن الدنح، أي الظهور الإلهيّ، لندخل بعده زمن الصوم المبارك، ونصل أخيرًا إلى أسبوع آلام المسيح وصلبه وموته وقيامته في اليوم الثالث».

ويُواصل حديثه: «الربُّ ظهَرَ بعد قيامته لتلاميذه، طيلة أربعين يومًا، فصعد إلى السماء، ووعدهم بأنّه سيُرسل إليهم المُعزّي، وهو الروح القدس. وبعد عشرة أيّام على صعوده، تجلّى وعدهُ، أي حَدَث العنصرة، وهو يرمز إلى ولادة الكنيسة الجديدة التي تلتزم شريعة المحبّة».

ويوضح: «الأحد الذي يلي العنصرة هو أحد الثالوث الأقدس، أي الحضور الإلهيّ في شخص الآب والابن والروح القدس. وفي الخميس الذي يتبعه مباشرةً، نحتفل بعيد خميس الجسد، أي القربان المقدّس، ويستمرّ معنا من خلال الاحتفال بالذبيحة الإلهيّة. يتغيّر تاريخ الاحتفال بهذا العيد، بحسب عيد القيامة المجيد، لأنّه مرتبط بالفصح اليهوديّ الذي يستند إلى حساباتٍ فلكيّة تؤدّي إلى تبدّل تاريخه».

ويُخبِر شربل: «في العام 1263، بينما كان كاهنٌ يحتفل بالذبيحة الإلهيّة في بلدة بولسينا الإيطاليّة، خرَجَ من القربان دمٌ حَيّ، فاعتُبِرَت هذه الظاهرة أعجوبةً عظيمة. لذا، أمَرَ البابا أوربانوس الرابع عام 1264 بأن يُقام عيد سنويّ تكريمًا للقربان المقدّس، سُمّي عيد جسد الربّ».

ويردِف: «في العام 1825، ضرَبَ وباء الطاعون مدينة زحلة وفتَكَ بكثيرين؛ ومع اقتراب عيد الجسد، طلبَ المطران إغناطيوس عاجوري، راعي أبرشيّة زحلة للروم الملكيّين الكاثوليك، أن يُطاف بالقربان المقدّس في شوارع المدينة حتّى تتبارك ويُشفى مرضاها، فانتهى الوباء. واعتبَرَ أبناء زحلة أنّ الله قد خصّهم بهذه الأعجوبة، وباتَ هذا العيد مخصّصًا للتهليل والشكر، وفيه تُقام قداديس في كلّ كنائس زحلة، ويلتقي الناس حول القربان المقدّس ويسيرون في الشوارع طالبين نعمة الله وبركته».

ويؤكّد: «عيد الجسد الإلهيّ هو عيد الحبّ الإلهيّ، فقد بذَلَ يسوع ذاته عبر ذبيحة دمويّة، تمَّت مرّةً واحدة على الصليب، وفيها دخَلَ المسيح، رئيس الكهنة، قدس الأقداس بدمه الخاصّ، وليس بدم الحيوانات؛ لكنَّ ذبيحة الصليب لم تكن لتأخذ بُعدًا خلاصيًّا لولا قيامة المصلوب في اليوم الثالث».

ويُكمِل: «القيامة أيضًا لا تأخذ بُعدَها الخلاصيّ إلّا بعنصرَين حيويَّين يُكملان التدبير الإلهيّ؛ الأوّل هو حلول الروح القدس الذي كوَّنَ الكنيسة، كما كوّن الابن في حشا العذراء مريم. أمّا الثاني فهو جسد ربّنا يسوع المسيح الممجَّد، الخبز النازل من السماء، والغذاء الملوكيّ لغفران الخطايا وللحياة الأبديّة».

ويختِم شربل: «ربّي جسدُكَ مأكلٌ حقًّا، ودمك مشربٌ حقًّا، فليكُن مباركًا ومُمَجّدًا في حياتنا. آمين».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته